للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعترافه بالثاني حد؛ لقذفه كما قاله مالك وأصحابه، ومن وافقهم.

وقد أوضحنا في سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (٨)} أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وذكرنا الآيات الدالة على ذلك، ويعلم منه أن كل ولدين بينهما أقل من ستة أشهر فهما توأمان.

وقال ابن قدامة في المغني: وإن ولدت امرأته توأمين وهو أن يكون بينهما دون ستة أشهر، فاستلحق أحدهما، ونفى الآخر لحقا به؛ لأن الحمل الواحد لا يجوز أن يكون بعضه منه، وبعضه من غيره، فإذا ثبت نسب أحدهما منه ثبت نسب الآخر ضرورة، فجعلنا ما نفاه تابعًا لما استلحقه، ولم نجعل ما أقر به تابعًا لما نفاه؛ لأن النسب يحتاط لإِثباته لا لنفيه، ولهذا لو أتت امرأته بولد يمكن أن يكون منه، ويمكن أن يكون من غيره ألحقناه به احتياطًا، ولم نقطعه عنه احتياطًا لنفيه، إلى أن قال: وإن استلحق أحد التوأمين، وسكت عن الآخر لحقه؛ لأنه لو نفاه للحقه، فإذا سكت عنه كان أولى، ولأن امرأته متى أتت بولد لحقه ما لم ينفه عنه بلعان، وإن نفى أحدهما، وسكت عن الآخر لحقاه جميعًا.

فإن قيل: ألا نفيتم المسكوت عنه؛ لأنه قد نفى أخاه، وهما حمل واحد.

قلنا: لحوق النسب مبني على التغليب، وهو يثبت لمجرد الإِمكان وإن كان لم يثبت الوطء ولا ينتفي الإِمكان للنفي فافترقا. فإن أتت بولد فنفاه ولاعن لنفيه، ثم ولدت آخر لأقل من ستة أشهر لم ينتف الثاني باللعان الأول؛ لأن اللعان تناول الأول وحده، ويحتاج في نفي الثاني إلى لعان ثان، ويحتمل أن ينتفي بنفيه من غير