للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف الناس في قدر ذلك، فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب. وزاد ابن جبير: الوجه. وقال سعيد بن جبير أيضًا، وعطاء، والأوزاعي: الوجه، والكفان، والثياب. وقال ابن عباس، وقتادة، والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة هو الكحل، والسوار، والخضاب إلى نصف الذراع والقرطة والفتخ ونحو هذا؛ فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليه من الناس. وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وذكر آخر عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر إلَّا وجهها ويديها إلى هاهنا وقبض على نصف الذراع".

قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي ولا تجتهد في الإِخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.

قلت: هذا قول حسن إلَّا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما. يدل لذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها. ثم ذكر القرطبي حديث عائشة المذكور الذي قدمناه قريبًا، ثم قال: وقد قال ابن خويز منداد من علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزًا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها. اهـ محل الغرض من كلام القرطبي.