والأمر في قوله في هذه الآية:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} الظاهر أنه للوجوب، وهو كذلك، فالتوبة واجبة على كل مكلف، من كل ذنب اقترفه، وتأخيرها لا يجوز فتجب منه التوبة أيضًا.
وقوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)} قد قدمنا مرارًا أن أشهر معاني لعل في القرآن اثنان:
الأول: أنها على بابها من الترجي، أي. توبوا إلى الله، رجاء أن تفلحوا، وعلى هذا فالرجاء بالنسبة إلى العبد، أمَّا الله جلَّ وعلا فهو عالم بكل شيء، فلا يجوز في حقه إطلاق الرجاء. وعلى هذا فقوله تعالى لموسى وهارون في مخاطبة فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} وهو جلَّ وعلا عالم بما سبق في الأزل من أنه لا يتذكر ولا يخشى. معناه: فقولا قولًا لينًا رجاء منكما بحسب عدم علمكما بالغيب أن يتذكر أو يخشى.
والثاني: هو ما قاله بعض أهل العلم بالتفسير من أن كل لعل في القرآن للتعليل إلَّا التي في سورة الشعراء، وهي في قوله تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩)} قالوا: فهي بمعنى كأنكم، وقد قدمنا أن إطلاق لعل للتعليل معلوم في العربية، ومنه قول الشاعر:
فقلتم لنا: كفوا الحروب لعلنا ... نكف ووثقتم لنا كل موثق
أي: كفوا الحروب، لأجل أن نكف كما تقدم.
وعلى هذا القول فالمعنى: وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون، لأجل أن تفلحوا، أي: تنالوا الفلاح.