المسلمين بالتوبة مشيرًا إلى أنها تؤدي إلى فلاحهم في قوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)} أوضحه في غير هذا الموضع، وبين أن التوبة التي يمحو الله بها الذنوب، ويكفر بها السيئات أنها التوبة النصوح، وبين أنها يترتب عليها تكفير السيئات، ودخول الجنة، ولا سيما عند من يقول من أهل العلم: إن عسى من الله واجبة، وله وجه من النظر؛ لأنه عزَّ وجل جواد كريم، رحيم غفور، فإذا أطمع عبده في شيء من فضله، فجوده وكرمه تعالي، وسعة رحمته يجعل ذلك الإِنسان الذي أطمعه ربه في ذلك الفضل يثق بأنه ما أطمعه فيه إلَّا ليتفضل به عليه.
ومن الآيات التي بينت هذا المعنى المذكور هنا قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} فقوله في آية التحريم هذه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} كقوله في آية النور: {أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} وقوله في آية التحريم: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} كقوله في آية النور: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)}؛ لأن من كفرت عنه سيئاته وأدخل الجنة، فقد نال الفلاح بمعنييه. وقوله في آية التحريم:{تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} موضح لقوله في النور: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} ونداؤه لهم بوصف الإِيمان في الآيتين فيه تهييج لهم، وحث على امتثال الأمر؛ لأن الاتصاف بصفة الإِيمان بمعناه الصحيح يقتضي المسارعة إلى امتثال أمر الله، واجتناب نهيه. والرجاء المفهوم من لفظة عسى في آية التحريم، هو المفهوم من لفظة لعل في آية النور كما لا يخفى.