عاصم: يسبح للَّه فيها بكسر الباء الموحدة المشددة، مبنيًا للفاعل، وفاعله رجال. والمعنى واضح على هذه القراءة. وقرأه ابن عامر، وشعبة، عن عاصم: يسبح له فيها بفتح الباء الموحدة المشددة، مبنيًا للمفعول. وعلى هذه القراءة فالفاعل المحذوف قد دلت القراءة الأولى على أن تقديره: رجال، فكأنه لما قال: يسبح له فيها، قيل: ومن يسبح له فيها؟ قال رجال، أي: يسبح له فيها رجال.
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك ما لفظه: وقد التزمنا أنا لا نبين القرآن إلَّا بقراءة سبعية، سواء كانت قراءة أخرى في الآية المبينة نفسها، أو آية أخرى غيرها. . . إلى آخره. وإنما ذكرنا أن الآية يبين بعض القراءات فيها معنى بعض؛ لأن المقرر عند العلماء أن القراءتين في الآية الواحدة كالآيتين.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن قراءة الجمهور: يسبح بكسر الباء وفاعله رجال، مبينة أن الفاعل المحذوف في قراءة ابن عامر، وشعبة، عن عاصم: يسبح بفتح الباء مبنيًا للمفعول؛ لحذف الفاعل هو رجال كما لا يخفى. والآية على هذه القراءة حذف فيها الفاعل ليسبح، وحذف أيضًا الفعل الرافع للفاعل الذي هو رجال على حد قوله في الخلاصة:
ويرفع الفاعل فعل أضمرا ... كمثل زيد في جواب من قرا
ونظير ذلك من كلام العرب قول ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد أو غيره:
لِيُبكَ يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطيح الطوائح
فقوله: ليبك يزيد بضم الياء المثناة التحتية، وفتح الكاف مبنيًا