للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما دلت عليه الآيات من انتفاع الكافر بعمله الصالح في الدنيا أنه مقيد بمشيئة الله تعالى، وذلك في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨)}.

تنبيه

في هذه الآية الكريمة سؤال معروف ذكرناه وذكرنا الجواب عنه في كتابنا؛ دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب. وذلك في قولنا فيه: لا يخفى ما يسبق إلى الذهن من أن الضمير في قوله: (جاءه) يدل على شيء موجود واقع عليه المجيء؛ لأن وقوع المجيء على العدم لا يعقل، ومعلوم أن الصفة الإِضافية لا تتقوم إلَّا بين متضائفين، فلا تدرك إلَّا بإدراكهما، فلا يعقل وقوع المجيء بالفعل إلَّا بإدراك فاعل واقع منه المجيء، ومفعول به واقع عليه المجيء. وقوله تعالى: {لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} يدل على عدم وجود شيء يقع عليه المجيء في قوله تعالى: {جَاءَهُ}.

والجواب عن هذا من وجهين ذكرهما ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة.

قال: فإن قال قائل كيف قيل: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} لم يكن السراب شيئًا فعلام دخلت الهاء في قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ} قيل: إنه شيء يرى من بعيد كالضباب الذي يرى كثيفًا من بعيد، فإذا قرب منه رق وصار كالهواء، وقد يحتمل أن يكون معناه: حتى إذا جاء موضع السراب لم يجد السراب شيئًا فاكتفى بذكر السراب عن ذكر موضعه. انتهى منه.

والوجه الأول أظهر عندي، وعنده، بدليل قوله: وقد يحتمل