للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يحسبن بالياء التحتية ففي الآية إشكال معروف. وذكر القرطبي الجواب عنه من ثلاثة أوجه:

الأول: أن قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} في محل رفع فاعل يحسبن، والمفعول الأول محذوف تقديره: أنفسهم، ومعجزين: مفعول ثان، أي: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين الله في الأرض. وعزا هذا القول للزجاج، والمفعول المحذوف قد تدل عليه قراءة من قرأ بالتاء الفوقية كما لا يخفى، ومفعولا الفعل القلبي يجوز حذفهما، أو حذف أحدهما إن قام عليه دليل كما أشار له ابن مالك في الخلاصة بقوله:

ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول

ومثال حذف المفعولين معًا مع قيام الدليل عليهما قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤)} أي: تزعمونهم شركائي. وقول الكميت:

بأي كتاب أم بأية سنَّة ... ترى حبهم عارًا علي وتحسب

أي: وتحسب حبهم عارًا علي.

ومثال حذف أحد المفعولين قول عنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره ... منى بمنزلة المحب المكرم

أي: لا تظني غيره واقعًا.

الجواب الثاني: أن فاعل (يحسبن) النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنه مذكور في قوله قبله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي: لا يحسبن محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين كفروا معجزين. وعلى هذا فالذين كفروا مفعول أول، ومعجزين مفعول ثان. وعزا هذا القول للفراء، وأبي علي.