{وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} فقوله: {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: حتى لا يبقى شرك، على أصح التفسيرين، ويدل على صحته قوله بعده:{وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} لأن الدين لا يكون كله للَّه حتى لا يبقى شرك كما ترى، ويوضح ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلَّا الله" كما لا يخفى.
والرابع: إطلاق الفتن على الحجة في قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} أي: لم تكن حجتهم، كما قال له بعض أهل العلم.
والأظهر عندي: أن الفتنة في قوله هنا: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أنه من النوع الثالث من الأنواع المذكورة.
وأن معناه: أن يفتنهم الله، أي: يزيدهم ضلالًا بسبب مخالفتهم عن أمره، وأمر وسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا المعنى تدل عليه آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، كقوله جلَّ وعلا: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} وقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} وقوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} الآية. وقوله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} الآية. والآيات بمثل ذلك كثيرة. والعلم عند الله تعالى.