وفي هذه الآيات وأمثالها في القرآن إشكال معروف، وهو أن يقال: لفظ خير في الآيات المذكورة صيغة تفضيل كما قال في الكافية:
وغالبًا أغناهم خير وشر ... عن قولهم: أخير منه وأشر
كما قدمناه موضحًا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} الآية.
والمعروف في علم العربية أن صيغة التفضيل تقتضي المشاركة بين المفضل والمفضل عليه فيما فيه التفضيل إلَّا أن المفضل أكثر فيه وأفضل من المفضل عليه، ومعلوم أن المفضل عليه في الآيات المذكورة الذي هو عذاب النار لا خير فيه البتة، وإذن فصيغة التفضيل فيها إشكال.
والجواب عن هذا الإِشكال من وجهين:
الأول: أن صيغة التفضيل قد تطلق في القرآن، وفي اللغة مرادًا بها مطلق الاتصاف، لا تفضيل شيء على شيء. وقدمناه مرارًا وأكثرنا من شواهده العربية في سورة النور وغيرها.
الثاني: أن من أساليب اللغة العربية أنهم إذا أردوا تخصيص شيء بالفضيلة، دون غيره جاءوا بصيغة التفضيل، يريدون بها خصوص ذلك الشيء بالفضل، كقول حسان بن ثابت رضي الله عنه: