ويفهم من قوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} الآية. أن أصحاب النار ليسوا كذلك، وأن حسابهم غير يسير.
وهذا المفهوم دلت عليه آيات أخر، كقوله تعالى قريبًا من هذه الآية: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)}، فقوله:(على الكافرين) يدل على أنه على المؤمنين غير عسير، كما قال تعالى:{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} الآية. وقوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)} وقوله تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)} وإذا علمت مما ذكرنا ما جاء من الآيات فيه بيان لقوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} فهذه أقوال بعض المفسرين في المعنى الذي ذكرنا في الآية.
قال صاحب الدر المنثور: وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} قال: في الغرف من الجنة، وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وذلك مثل قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩)} وأخرج ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} وقرأ: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨)} وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إنما هي ضحوة، فيقيل أولياء الله