الصحابة: ليتني لم أتخذ أبيًا خليلًا، وهو على تقدير ثبوته من قبيل التفسير، لا القراءة، وعلى كل حال فالعبرة بعموم الألفاظ، لا بخصوص الأسباب، فكل ظالم أطاع خليله في الكفر، حتى مات على ذلك يجرى له مثل ما جرى لابن أبي معيط.
وما ذكره جلَّ وعلا في هذه الآيات الكريمة جاء موضحًا في غيرها، فقوله:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} كناية عن شدة الندم والحسرة؛ لأن النادم ندمًا شديدًا يعض على يديه، وندم الكافر يوم القيامة وحسرته الذي دلت عليه هذه الآية جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى في سورة يونس:{وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية. وقوله تعالى في سورة سبأ:{وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية. وقوله تعالى:{قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} الآية. والحسرة أشد الندامة. وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)} إلى غير ذلك من الآيات.
وما ذكره هنا من أن الكافر يتمنى أن يكون آمن بالرسول في دار الدنيا، واتخذ معه سبيلا، أي: طريقًا إلى الجنة في قوله هنا: {يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)} جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦)} وقوله تعالى: {يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤)} وقوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)} إلى غير ذلك من الآيات.
والسبيل التي يتمنى الكافر أن يتخذها مع الرسول المذكورة في هذه الآية، ذكرت أيضًا في آيات أخر، كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة سورة الفرقان: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ