للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى هنا: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)} الأظهر أنه من كلام الله، وليس من كلام الكافر النادم يوم القيامة، والخذول صيغة مبالغة، والعرب تقول: خذله إذا ترك نصره مع كونه يترقب النصر منه، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} وقول الشاعر:

إن المرء ميتًا بانقضاء حياته ... ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا

وقول الآخر:

إن الألى وصفوا قومي لهم فبهم ... هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولا

ومن الآيات الدالة على أن الشيطان يخذل الإِنسان قوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} وقوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} الآية.

وقوله تعالى في هذه الآية: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ} الأظهر أن الذكر القرآن، وقوله: {لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا} العرب تطلق لفظة فلان كناية عن العلم، أي: لم أتخذ أُبيًا، أو أمية خليلًا، ويكنون عن علم الأنثى بفلانة، ومنه قول عروة بن حزام العذري:

ألا قاتل الله الوشاة وقولهم ... فلانة أضحت خلة لفلان

وقوله: {يَعَضُّ الظَّالِمُ} من عضض بكسر العين في الماضي،