إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٣٤)} وقوله في الزخرف: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)} وقوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} الآية. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن جميع الأمم كذبوا رسلهم، وأن الله أهلكهم بسبب ذلك.
وقد بين جلَّ وعلا في آية أخرى أن هذا العموم لم يخرج منه إلَّا قوم يونس دون غيرهم، وذلك في قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)}.
ويدل على ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (١٤٨)}.
وما ذكره جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه ضرب الأمثال لكل منهم، لم يبين فيه هنا هل ضرب الأمثال أيضًا لهذه الأمة الكريمة التي هي آخر الأمم في هذا القرآن، كما ضربها لغيرهم من الأمم، ولكنه تعالى بين في آيات كثيرة أنه ضرب لهذه الأمة الأمثال في هذا القرآن العظيم، ليتفكروا بسببها، وبين أنها لا يعقلها إلَّا أهل العلم، وأن الله يهدي بها قومًا، ويضل بها آخرين.