للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} قال: كل ما هوي شيئًا ركبه، وكل ما اشتهى شيئًا أتاه، لا يحجزه عن ذلك ورع، ولا تقوى.

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قيل له: أفي أهل القبلة شرك؟ قال: نعم، المنافق مشرك، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله، وإن المنافق عبد هواه، ثم تلا هذه الآية {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣)}.

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع" انتهى محل الغرض من كلام صاحب الدر المنثور.

وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية: أن الواجب الذي يلزم العمل به، هو أن يكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمره به معبوده جلَّ وعلا، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه، فقد صرف جميع ما يستحقه عليه خالفه من العبادة والطاعة إلى هواه، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح.

وإذا علمت هذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، فاعلم أن الله جلَّ وعلا بينه في غير هذا الموضع في قوله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} الآية، وقوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} الآية.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣)}: استفهام إنكار فيه معنى النفي.

والمعنى: أن من أضله الله فاتخذ إلهه هواه، لا تكون أنت