قرأت:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} حتى قرأت الآية. انتهى من صحيح البخاري. وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين، هما ابن عمر، وأبو طلحة تصريح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن أولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم، ورد عائشة لرواية ابن عمر بما فهمت من القرآن مردود، كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى.
وقد أوضحنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أن ردها على ابن عمر أيضًا روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الميت يعذب ببكاء أهله بما فهمت من الآية مردود أيضًا، وأوضحنا أن الحق مع ابن عمر في روايته، لا معها فيما فهمت من القرآن.
وقال البخاري في صحيحه أيضًا: حدثنا عياش، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد. قال: وقال لي خليفة: حدثنا ابن زريع، حدثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا في الجنة" الحديث. وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الميت في قبره يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا. وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى، ولم يذكر - صلى الله عليه وسلم - فيه تخصيصًا.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثني إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: قال أنس: كنت مع عمر (ح) وحدثنا شيبان بن فروخ