رواية أبي بكر - : السلام على أهل الديار، وفي رواية زهير: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية". انتهى من صحيح مسلم. وخطابه - صلى الله عليه وسلم - لأهل القبور بقوله: "السلام عليكم" وقوله: "وإنا إن شاء الله بكم" ونحو ذلك يدل دلالة واضحة على أنهم يسمعون سلامه؛ لأنهم لو كانوا لا يسمعون سلامه وكلامه لكان خطابه لهم من جنس خطاب المعدوم، ولا شك أن ذلك ليس من شأن العقلاء، فمن البعيد جدًّا صدوره منه - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي إن شاء الله ذكر حديث عمرو بن العاص الدال على أن الميت في قبره يستأنس بوجود الحي عنده.
وإذا رأيت هذ الأدلة الصحيحة الدالة على سماع الموتى، فاعلم أن الآيات القرآنية، كقوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢)} لا تخالفها. وقد أوضحنا الصحيح من أوجه تفسيرها، وذكرنا دلالة القرائن القرآنية عليه، وأن استقراء القرآن يدل عليه.
وممن جزم بأن الآيات المذكورة لا تنافي الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا أبو العباس بن تيمية رحمه الله فقد قال في الجزء الرابع من مجموع الفتاوى من صحيفة خمس وتسعين ومائتين إلى صحيفة تسع وتسعين ومائتين ما نصه: وقد تعاد الروح إلى البدن في غير وقت المسألة كما في الحديث الذي صححه ابن عبد البر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من رجل يمر بقبر الرجل الذي كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلَّا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام" وفي سنن أبي داود وغيره، عن أوس بن أبي أوس الثقفي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة