للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه، واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة المخرج في الصحيحين وغيرهما، فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث، بل خيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ وقصتها مشهورة، فلو كان بيع الأمة طلاقها كما قال هؤلاء ما خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما خيرها دل على بقاء النكاح، وأن المراد من الآية المسبيات فقط. والله أعلم اهـ. منه بلفظه.

فإن قيل: إن كان المشتري امرأة لم ينفسخ النكاح؛ لأنها لا تملك الاستمتاع ببضع الأمة، بخلاف الرجل، وملك اليمين أقوى من ملك النكاح، كما قال بهذا جماعة، ولا يرد على هذا القول حديث بريرة.

فالجواب: هو ما حرره العلامة ابن القيم رحمه الله، وهو أنها إن لم تملك الاستمتاع ببضع أمتها، فهي تملك المعاوضة عليه، وتزويجها وأخذ مهرها، وذلك كملك الرجل وإن لم تستمتع بالبضع، فإذا حققت ذلك علمت أن التحقيق في معنى الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} أي المتزوجات، إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ بالسبي من الكفار، فلا منع في وطئهن بملك اليمين بعد الاستبراء، لانهدام الزوجية الأولى بالسبي كما قررنا، وكانت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها متزوجة برجل اسمه مسافع، فسبيت في غزوة بني المصطلق، وقصتها معروفة.

قال ناظم قرة الأبصار في جويرية رضي الله عنها:

وقد سباها في غزاة المصطلق ... من بعلها مسافع بالمنزلق