ربكم حقًا؟ وقال: إنهم ليسمعون الآن ما أقول. فذكر ذلك لعائشة فقالت: وهم ابن عمر، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت لهم هو الحق، فم قرأت قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} حتى قرأت الآية".
وأهل العلم بالحديث اتفقوا على صحة ما رواه أنس، وابن عمر وإن كانا لم يشهدا بدرًا، فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة، وأبو طلحة شهد بدرًا، كما روى أبو حاتم في صحيحه، عن أنس، عن أبي طلحة رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر، وكان إذا ظهر على قوم أحب أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال، فلما كان اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها فحركها، ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: ما نراه ينطلق إلَّا لبعض حاجته، حتى قام على شفاء الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم، وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا، قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم توبيخًا، وتصغيرًا، ونقمة، وحسرة، وتنديمًا. وعائشة قالت فيما ذكرته كما تأولت.
والنص الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدم على تأويل من تأول من أصحابه وغيره، وليس في القرآن ما ينفي ذلك، فإن قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه، فإن هذا مثل ضربه الله للكفار، والكفار تسمع الصوت، لكن لا تسمع