رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال:"استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيب فإنه الآن يسأل" إلى أن قال: وقد كان سيدي أبو حامد بن البقال، وكان من كبار العلماء والصلحاء، إذا حضر جنازة عزى وليها بعد الدفن، وانصرف مع من ينصرف، فيتوارى هنيهة حتى ينصرف الناس، ثم يأتي إلى القبر، فيذكر الميت بما يجاوب به الملكين عليهما السلام. انتهى محل الغرض من كلام الحطاب.
وما ذكره من كلام أبي بكر بن الطلاع المالكي له وجه قوي من النظر، كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى. ثم قال الحطاب: واستحب التلقين بعد الدفن أيضًا القرطبي، والثعالبي وغيرهما، ويظهر من كلام الأبي في أول كتاب الجنائز يعني من صحيح مسلم، وفي حديث عمرو بن العاص في كتاب الإِيمان ميل إليه. انتهى من الحطاب.
وحديث عمرو بن العاص المشار إليه هو الذي ذكرنا محل الغرض منه في كلام ابن القيم الطويل المتقدم.
قال مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن المثنى العنزي، وأبو معن الرقاشي، وإسحاق بن منصور، كلهم عن أبي عاصم واللفظ لابن المثنى: حدثنا الضحاك، يعني أبا عاصم قال: أخبرنا حيوة بن شريح، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص، وهو في سياقة الموت، فبكى طويلًا، وحول وجهه إلى الجدار. الحديث. وقد قدمنا محل الغرض منه بلفظه في كلام ابن القيم المذكور، وقدمنا أن حديث عمرو هذا له حكم الرفع، وأنه دليل صحيح على استئناس الميت بوجود الأحياء عند قبره.