للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوضحه قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)} ونحو ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (٨٥)} ظاهره أن الكفار لا ينطقون يوم القيامة، كما يفهم ذلك من قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)} وقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} الآية، مع أنه بينت آيات أخر من كتاب الله أنهم ينطقون يوم القيامة، ويعتذرون، كقوله تعالى عنهم: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} وقوله تعالى عنهم: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} الآية. وقوله تعالى عنهم: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (١٠٦) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧)} وقوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كلامهم يوم القيامة.

وقد بينا الجواب عن هذا في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في سورة المرسلات في الكلام على قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥)} وما ذكرنا من الآيات، فذكرنا أن من أوجه الجواب عن ذلك أن القيامة مواطن، ففي بعضها ينطقون، وفي بعضها لا ينطقون، فإثبات النطق لهم ونفيه عنهم كلاهما منزل على حال ووقت غير حال الآخر ووقته. ومنها أن نطقهم المثبت لهم خاص بما لا فائد لهم فيه، والنطق المنفي عنهم خاص بمالهم فيه فائدة. ومنها غير ذلك، وقد ذكرنا شيئًا من أجوبة ذلك في الفرقان، وطه والإسراء.