أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الآية. أي في مهورهن، فاتضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة.
فإن قيل: كان ابن عباس وأبي بن كعب، وسعيد بن جبير، والسدي يقرأون "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى". وهذا يدل على أن الآية في نكاح المتعة.
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن قولهم "إلى أجل مسمى" لم يثبت قرآنا؛ لإجماع الصحابة على عدم كتبه في المصاحف العثمانية، وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرآن ولم يثبت كونه قرآنا، لا يستدل به على شيء؛ لأنه باطل من أصله؛ لأنه لم ينقله إلا على أنه قرآن، فبطل كونه قرآنا، ظهر بطلانه من أصله.
الثاني: أنا لو مشينا على أنه يحتج به، كالاحتجاج بخبر الآحاد كما قال به قوم، أو على أنه تفسير منهم للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه؛ لأن جمهور العلماء على خلافه، ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة، وصرح - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني - رضي الله عنه - أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، فقال "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا".