للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفتوحتان مشددتان بدون ألف. فقوله تعالى: تظاهرون، على قراءة عاصم مضارع ظاهر بوزن فاعل، وعلى قراءة حمزة، والكسائي فهو مضارع تظاهر بوزن تفاعل حذفت فيه إحدى التاءين على حد قوله في الخلاصة:

وما بتاءين ابتدى قد يقتصر ... فيه على تا كتبينُ العبر

فالأصل على قراءة الأخوين تتظاهرون، فحذفت إحدى التاءين وعلى قراءة ابن عامر، فهو مضارع تظاهر أيضًا، كقراءة حمزة والكسائي، إلَّا أن إحدى التاءين أدغمت في الظاء، ولم تحذف، وماضيه اظاهر كادارك، واثاقلتم، وادارأتم، بمعنى تدارك. إلخ.

وعلى قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو فهو مضارع تظهر على وزن تفعل، وأصله تتظهرون بتاءين، فأدغمت إحدى التاءين في الظاء، وماضيه اظهر نحو اطيرنا وازينت بمعنى: تطيرنا، وتزينت، كما قدمنا إيضاحه في سورة طه في الكلام على قوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (١١٧)} فعلم مما ذكرنا أن قولهم: ظاهر من امرأته، وتظاهر منها، وتظهر منها كلها بمعنى واحد، وهو أن يقول لها: أنت علي كظهر أمي، يعني أنها حرام عليه، وكانوا يطلقون بهذه الصيغة في الجاهلية.

وقد بين الله جلَّ وعلا في قوله هنا: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} أن من قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي: لا تكون أمًا له بذلك، ولم يزد هنا على ذلك، ولكنه جلَّ وعلا أوضح هذا في سورة المجادلة، فبين أن أزواجهم اللائي ظاهروا منهن لسن أمهاتهم، وأن أمهاتهم من النساء التي ولدنهم خاصة دون غيرهن، وأن قولهم: أنت علي كظهر أمي منكر من القول وزور.