لعموم قوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وأجاز بعضهم الاستمتاع بغير الوطء قائلًا: إن المراد بالمسيس في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} نفس الجماع لا مقدماته، وممن قال بذلك: الحسن البصري، والثوري، وروى عن الشافعي في أحد القولين.
وقال بعض العلماء: اللام في قوله: لما قالوا بمعنى في، أي يعودون فيما قالوا، بمعنى يرجعون فيه، كقوله - صلى الله عليه وسلم - :"الواهب العائد في هبته" الحديث. وقيل: اللام بمعنى عن، أي: يعودون عما قالوا: أي: يرجعون عنه، وهو قريب مما قبله.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي واللَّه تعالى أعلم: أن العود له مبدأ ومنتهى، فمبدؤه العزم على الوطء، ومنتهاه الوطء بالفعل، فمن عزم على الوطء فقد عاد بالنية، فتلزمه الكفارة لإِباحة الوطء، ومن وطئي بالفعل تحتم في حقه اللزوم، وخالف بالإِقدام على الوطء قبل التكفير.
ويدل لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : لما قال: "إذا التقا المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. وقالوا: يا رسول الله قد عرفنا القاتل فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" فبين أن العزم على الفعل عمل يؤخذ به الإِنسان.
فإن قيل: ظاهر الآية المتبادر منها يوافق قول الظاهرية الذي قدمنا بطلانه؛ لأن الظاهر المتبادر من قوله: لما قالوا أنه صيغة الظهار، فيكون العود لها تكريرها مرة أخرى.
فالجواب: أن المعنى: لما قالوا إنه حرام عليهم، وهو الجماع، ويدل لذلك وجود نظيره في القرآن في قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ