واعلم أن القول بأن الظهار يحصل بقوله: شعرك، أو ريقك، أو كلامك علي كظهر أمي، له وجه قوي من النظر؛ لأن الشعر من محاسن النساء التي يتلذذ بها الأزواج كما بيناه في سورة الحج، وكذلك الريق فإن الزوج يمصه ويتلذذ به من امرأته، وكذلك الكلام كما هو معروف. وأما لو قال لها: سعالك أو بصاقك، أو نحو ذلك علي كظهر أمي، فالظاهر أن ليس ذلك بشيء، لأن السعال والبصاق وما يجري مجراهما، كالدمع ليس مما يتمتع به عادة. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الحادية عشرة: اختلف العلماء فيمن قال لأمته: أنت علي كظهر أمي، أو قال ذلك لأم ولده، فقال بعض أهل العلم: لا يصح الظهار من المملوكة، وهو مروى عن ابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، والشعبي، وربيعة، والأوزاعي، والشافعي، وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد، وقال بعضهم: يصح الظهار من الأمة أم ولد كانت أو غيرها، وهو مذهب مالك، وهو مروى أيضًا عن الحسن، وعكرمة، والنخعي، وعمرو بن دينار، وسليمان بن يسار، والزهري، والحكم، والثوري، وقتادة، وهو رواية عن أحمد. وعن الحسن، والأوزاعي: إن كان يطؤها فهو ظهار، وإلَّا فلا. وعن عطاء: إن ظاهر من أمته، فعليه نصف كفارة الظهار من الحرة.
واحتج الذين قالوا: إن الأمة لا يصح الظهار منها بأدلة:
منها: أنهم زعموا أن قوله: يظاهرون من نسائهم يختص بالأزواج دون الإِماء.