للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى فيه: أنه لفظ يتعلق بالبضع دون رفع العقد، فصح في الأمة أصله الحلف باللَّه تعالى. اهـ منه. بواسطة نقل القرطبي.

قاله مقيده عما الله عنه وغفر له: لا يبعد بمقتضى الصناعة الأصولية، والمقرر في علوم القرآن: أن يكون هناك فرق بين تحريم الأمة وتحريم الزوجة.

وإيضاح ذلك: أن قوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} جاء في بعض الروايات الصحيحة في السنن وغيرها، أنه نزل في تحريم النبي - صلى الله عليه وسلم - جاريته مارية أم إبراهيم، وإن كان جاء في الروايات الثابتة في الصحيحين: أنه نزل في تحريمه العسل الذي كان شربه عند بعض نسائه. وقصة ذلك مشهورة صحيحة؛ لأن المقرر في علوم القرآن أنه إذا ثبت نزول الآية في شيء معين، ثم ثبت بسند آخر صحيح أنها نزلت في شيء آخر معين غير الأول، وجب حملها على أنها نزلت فيهما معًا، فيكون لنزولها سببان، كنزول آية اللعان في عويمر، وهلال معًا.

وبه تعلم أن ذلك يلزمه أن يقال: إن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية، نزل في تحريمه - صلى الله عليه وسلم - العسل على نفسه، وفي تحريمه جاريته، وإذا علمت بذلك نزول قوله: لم تحرم، في تحريم الجارية: علمت أن القرآن دل على أن تحريم الجارية لا يحرمها، ولا يكون ظهارًا منها، وأنه تلزم فيه كفارة يمين، كما صح عن ابن عباس ومن وافقه، وقد قال ابن عباس لما بين أن فيه كفارة يمين: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ومعناه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر عن تحريمه جاريته كفارة يمين؛ لأن الله تعالى قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ