ابن عباس رضي الله عنهما لم يقل بالفرق بينهما بل قال: إن حكم تحريم الزوجة، كحكم تحريم الجارية المنصوص في آية التحريم، ونحن نقول: إن آية الظهار تدل بفحواها على أن تحريم الزوجة ظهار؛ لأنَّ أنت علي كظهر أمي، وأنت علي حرام معناهما واحد كما لا يخفى، وعلى هذا الذي ذكرنا فلا يصح الظهار من الأمة، وإنما يلزم في تحريمها بظهار، أو بصريح التحريم كفارة يمين، أو الاستغفار كما تقدم. وهذا أقرب لظاهر القرآن، وإن كان كثير من العلماء على خلافه.
وقد قدمنا أن تحريم الرجل امرأته فيه للعلماء عشرون قولًا، وسنذكرها هنا باختصار، ونبين ما يظهر لنا رجحانه بالدليل منها إن شاء الله تعالى.
القول الأول: هو أن تحريم الرجل امرأته لغو باطل، لا يترتب عليه شيء. قال ابن القيِّم في إعلام الموقعين: وهو إحدى الروايتين، عن ابن عباس، وبه قال مسروق، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء، والشعبي، وداود وجميع أهل الظاهر، وأكثر أصحاب الحديث، وهو أحد قولي المالكية. اختاره أصبغ بن الفرج. وفي الصَّحيح عن سعيد بن جبير أنَّه سمع ابن عباس يقول: إذا حرم الرجل امرأته، فليس بشيء {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وصح عن مسروق أنَّه قال: ما أبالي أحرمت امرأتي أو قصعة من ثريد، وصح عن الشعبي في تحريم المرأة: لهو أهون علي من نعلي. وقال أبو سلمة: ما أبالي أحرمت امرأتي أو حرمت ماء النهر. وقال الحجاج ابن منهال: إن رجلًا جعل امرأته عليه حرامًا، فسأل عن ذلك حميد بن عبد الرحمن، فقال حميد: قال الله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ