أبوة دينية، وهو - صلى الله عليه وسلم - أرأف بأمته من الوالد الشفيق بأولاده، وقد قال جلَّ وعلا في رأفته ورحمته بهم. {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} وليست الأبوة أبوة نسب كما بينه تعالى بقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ويدل لذلك أيضًا حديث أبي هريرة عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه" وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث، والرمة. فقوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث:"إنما أنا لكم بمنزلة الوالد" يبين معنى أبوته المذكورة كما لا يخفى.
مسألة
أعلم أن أهل العلم اختلفوا هل يقال لبنات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أخوات المؤمنين أو لا؟ وهل يقال لإِخوانهن كمعاوية، وعبد الله بن أبي أمية أخوال المؤمنين أو لا؟ وهل يقال لهن: أمهات المؤمنات؟ قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن، وأخواتهن بالإِجماع، وإن سمى بعض العلماء بناتهن أخوات المسلمين، كما هو منصوص الشافعي رضي الله عنه في المختصر. وهو من باب إطلاق العبارة لا إثبات الحكم، وهل يقال لمعاوية، وأمثاله: خال المؤمنين، فيه قولان للعلماء رضي الله عنهم؟ ونص الشافعي رضي الله عنه على أنه لا يقال ذلك. وهل يقال لهن: أمهات المؤمنات، فيدخل النساء في الجمع المذكر السالم تغليبًا؟ فيه قولان. صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لا يقال ذلك، وهذا أصح الوجهين في مذهب الشافعي رضي الله عنه. انتهى محل الغرض من كلام ابن كثير.