المنصف، فسنذكر لك أجوبة أهل العلم عما استدل به الذين قالوا بجواز إبداء المرأة وجهه ويديها بحضرة الأجانب.
فمن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك حديث خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال:"يا أسماء إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلَّا هذا، وأشار إلى وجهه وكفيه" وهذا الحديث يجاب عنه بأنه ضعيف من جهتين.
الأولى: هي كونه مرسلًا؛ لأن خالد بن دريك لم يسمع من عائشة، كما قاله أبو داود، وأبو حاتم الرازي كما قدمناه في سورة النور.
الجهة الثانية: أن في إسناده سعيد بن بشير الأزدي مولاهم، قال فيه في التقريب: ضعيف. مع أنه مردود بما ذكرنا من الأدلة على عموم الحجاب، ومع أنه لو قدر ثبوته قد يحمل على أنه كان قبل الأمر بالحجاب.
ومن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك حديث جابر الثابت في الصحيح قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان، ولا إقامة، ثم قام متوكئًا على بلال فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس، وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال:"تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم. ققامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير. قال فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن". اهـ. هذا لفظ مسلم في صحيحه.