الخلاف في ذلك بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه
اعلم أن قصة الذبيح هذه تؤيد أحد القولين المشهورين عند أهل الأصول في حكمة التكليف، هل هي للامتثال فقط، أو هي مترددة بين الامتثال والابتلاء؛ لأنه بين في هذه الآية الكريمة أن حكمة تكليفه لإبراهيم بذبحه ولده ليست هي امتثاله ذلك بالفعل؛ لأنه لم يرد ذبحه كونًا وقدرًا، وإنما حكمة تكليفه بذلك مجرد الابتلاء والاختبار، هل يصمم على امتثال ذلك أو لا؟ كما صرح بذلك قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} فتبين بهذا أن التحقيق أن حكمة التكليف مترددة بين الامتثال، والابتلاء. وإلى الخلاف المذكور أشار في مراقي السعود بقوله:
للامتثال كلف الرقيب ... فموجب تمكنا مصيب
أو بينه والابتلا ترددا ... شرط تمكن عليه انفقدا
وقد أشار بقوله: فموجب تمكنًا مصيب. وقوله: شرط تمكن عليه انفقدا. إلى أن شرط التمكن من الفعل في التكليف مبني على الخلاف المذكور، فمن قال: إن الحكمة في التكليف هي الامتثال فقط اشترط في التكليف التمكن من الفعل؛ لأنه لا امتثال إلَّا مع التمكن من الفعل، ومن قال: إن الحكمة مترددة بين الامتثال والابتلاء لم يشترط التمكن من الفعل؛ لأن حكمة الابتلاء تتحقق مع عدم التمكن من الفعل كما لا يخفى.
ومن الفروع المبنية على هذا الخلاف أن تعلم المرأة بالعادة المطردة أنها تحيض بعد الظهر غدًا من نهار رمضان، ثم حصل لها