للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد أمن الناس. قال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك، فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته".

فهذا الحديث الثابت في صحيح مسلم، وغيره يدل على أن يعلى بن أمية، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، كانا يعتقدان أن معنى الآية قصر الرباعية في السفر، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر عمر على فهمه لذلك، وهو دليل قوي، ولكنه معارض بما تقدم عن عمر من أنه قال: "صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -" ويؤيده حديث عائشة، وحديث ابن عباس المتقدمان. وظاهر الآيات المتقدمة الدالة على أن المراد بقوله: {أن تقصروا من الصلاة} قصر الكيفية في صلاة الخوف، كما قدمنا، والله تعالى أعلم.

وهيئات صلاة الخوف كثيرة، فإن العدو تارة يكون إلى جهة القبلة، وتارة إلى غيرها، والصلاة قد تكون رباعية، وقد تكون ثلاثية، وقد تكون ثنائية، ثم تارة يصلون جماعة، وتارة يلتحم القتال، فلا يقدرون على الجماعة، بل يصلون فرادى رجالا وركبانا، مستقبلي القبلة، وغير مستقبليها، وكل هيئات صلاة الخوف الواردة في الصحيح جائزة، وهيئاتها، وكيفياتها مفصلة في كتب الحديث والفروع، وسنذكر ما ذهب إليه الأئمة الأربعة منها إن شاء الله.

أما مالك بن أنس فالصورة التي أخذ بها منها هي: أن الطائفة الأولى تصلي مع الإمام ركعة في الثنائية، وركعتين في الرباعية،