وقد قدمنا الكلام على العمل الصالح، وأنه لابد فيه من الإخلاص، في أول سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى:{وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} الآية، وفي غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} أي التوحيد الصافي من شوائب الشرك، أي هو المستحق لذلك وحده، وهو الذي أمر به.
وقول من قال من العلماء: إن المراد بالدين الخالص كلمة لا إله إلا الله، موافق لما ذكرناه. والعلم عند الله تعالى.
ثم لما ذكر جل وعلا إخلاص العبادة له وحده، بين شبهة الكفار التي احتجوا بها للإِشراك به تعالى، في قوله تعالى هنا:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
فبين أنهم يزعمون أنهم ما عبدوا الأصنام إلا لأجل أن تقربهم من الله زلفى، والزلفى القرابة.
فقوله:(زلفى)، ما ناب عن المطلق من قوله:(ليقربونا) أي: ليقربونا إليه قرابة تنفعنا بشفاعتهم، في زعمهم.
ولذا كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك.
وقد قدمنا في سورة المائدة، في الكلام على قوله تعالى:{وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} أن هذا النوع من ادعاء الشفعاء، واتخاذ المعبودات من دون الله وسائط، من أصول كفر الكفار.