للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشار إلى أن العفو خير منه، وأنه من صفاته جل وعلا مع كمال قدرته، وذلك في قوله بعده: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩) وكقوله جل وعلا مثنيًا على من تصدق فأبدى صدقته: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ}، ثم بين أن إخفاءها وإيتاءها الفقراء خير من إبدائها الذي مدحه بالفعل الجامد، الذي هو لإنشاء المدح، الذي هو نعم، في قوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.

وكقوله في نصف الصداق اللازم للزوجة بالطلاق قبل الدخول: (فنصف ما فرضتم)، ولا شك أن أخذ كل واحد من الزوجين النصف حسن؛ لأن الله شرعه في كتابه في قوله: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}، مع أنه رغب كل واحد منهما أن يعفو للآخر عن نصفه، وبين أن ذلك أقرب للتقوى، وذلك في قوله بعده: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}.

وقد قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}، ثم أرشد إلى الأحسن بقوله: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، وقال تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}، ثم أرشد إلى الأحسن في قوله: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}.

واعلم أن في هذه الآية الكريمة أقوالًا غير الذي اخترنا.

منها ما روي عن ابن عباس في معنى {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}، قال: "هو الرجل يسمع الحسن والقبيح، فيتحدث بالحسن، وينكف عن القبيح فلا يتحدث به".

وقيل: يستمعون القرآن وغيره، فيتبعون القرآن.