وقد يشير إلى ذلك قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)}؛ لأن كونه - صلى الله عليه وسلم - الشهيد على هؤلاء الذين هم أمته، يدل على أن الشهيد على كل أمة هو رسولها.
وقد بين تعالى أن الشهيد على كل أمة من أنفس الأمة، فدل على أنه ليس من الملائكة، وذلك في قوله تعالى:{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. والرسل من أنفس الأمم، كما قال تعالى في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - :{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، وقال تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية.
والمسوغ للإِيجاز بحذف الفاعل في قوله تعالى:{وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} هو أنه من المعلوم الذي لا نزاع فيه، أنه لا يقدر على المجيء بهم إلا الله وحده جل وعلا.
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير الكسائي وهشام عن ابن عامر:(وجيء) بكسر الجيم كسرة خالصة.
وقرأه الكسائي وهشام عن ابن عامر بإشمام الكسر والضم.
وإنما كان الإِشمام هنا جائزًا، والكسر جائزًا؛ لأنه لا يحصل في الآية البتة لَبْسٌ بين المبني للفاعل والمبني للمفعول، إذ من الفعلوم أن قوله هنا:(وجيء) مبني للمفعول ولا يحتمل البناء للفاعل بوجه، وما كان كذلك جاز فيه الكسر الخالص وإشمام الكسرة الضم، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
واكسر أو اشمم فا ثلاثي أعل ... عينًا وضم جا كبوع فاحتمل
أما إذا أسند ذلك الفعل إلى ضمير الرفع المتصل، فإن ذلك قد