عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف يوم ذات الرقاع، وأخرجها الشيخان من طريقه، فقد رواها البخاري عن قتيبة، عن مالك، ومسلم عن يحيى بن يحيى، عن مالك نحو ما ذكرنا. وقد قدمنا أن مالكا قال بهذه الكيفية أولا، ثم رجع عنها إلى أن الإمام يسلم ولا ينتظر إتمام الطائفة الثانية صلاتهم حتى يسلم بهم. وصلاة ذات الرقاع لها كيفية أخرى غير هذه التي اختار الشافعي، وهي ثابتة في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم؛ مقبلين على العدو، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعة، ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة.
هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري بمعناه، ولم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى؛ لأن إتمامهم في حالة واحدة يستلزم تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود ولفظه ثم سلم، فقام هؤلاء، أي: الطائفة الثانية، فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم ذهبوا، ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا. وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها.
واعلم أن ما ذكره الرافعي وغيره من كتب الفقه من أن في حديث ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت، وجاءت الطائفة