وما ذكره جل وعلا في آية المؤمن هذه، من أنه هو الذي يُرِي خلقه آياته، بينه وزاده إيضاحًا في غير هذا الموضع، فبين أنه يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، وأن مراده بذلك البيان أن يتبين لهم أن ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - حق، كما قال تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}.
والآفاق جمع أفق وهو الناحية، واللَّه جل وعلا قد بين من غرائب صنعه وعجائبه، في نواحي سماواته وأرضه، ما يتبين به لكل عاقل أنه هو الرب المعبود وحده، كما أشرنا إليه، من الشمس، والقمر، والنجوم، والأشجار، والجبال، والدواب، والبحار، إلى غير ذلك.
وبين أيضًا أن من آياته التي يريهم ولا يمكنهم أن ينكروا شيئًا منها: تسخيره لهم الأنعام ليركبوها ويأكلوا من لحومها، وينتفعوا بألبانها وزبدها وسمنها وأقطها، ويلبسوا من جلودها وأصوافها وأوبارها وأشعارها، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي