للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أماكنها في الصدور فيتنفسوا. وهذا القول هو ظاهر القرآن.

والوجه الثاني: هو أن المراد بكونِ القلوب لدي الحناجر، بيان شدة الهول، وفظاعة الأمر، وعليه فالآية كقوله تعالى: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١)}، وهو زلزال خوف وفزع لا زلزال حركة الأرض.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {كَاظِمِينَ} معناه مكروبين ممتلئين خوفًا وغمًا وحزنًا.

والكظم: تردد الخوف والغيظ والحزن في القلب، حتى يمتلئ منه، ويضيق به.

والعرب تقول: كظمت السقاء، إذا ملأته ماء وشددته عليه.

وقول بعضهم: (كاظمين) أي ساكتين. لا ينافي ما ذكرنا؛ لأن الخوف والغم الذي ملأ قلوبهم يمنعهم من الكلام، فلا يقدرون عليه، ومن إطلاق الكظم على السكوت قول العجاج:

وربَّ أسراب حجيج كُظَّم ... عن اللَّغا ورفَثِ التكلُّمِ

ويرجع إلى هذا القول معنى قول من قال: (كاظمين) أي لا يتكلمون إلا من أذن له الله وقال الصواب، كما قال تعالى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)}.

وقوله: {كَاظِمِينَ} حال من أصحاب القلوب على المعنى. والتقدير: إذ القلوب لدي الحناجر، أي إذ قلوبهم لدي حناجرهم في حال كونهم كاظمين، أي ممتلئين خوفًا وغمًّا وحزنًا.

ولا يبعد أن يكون حالًا من نفس القلوب؛ لأنها وصفت بالكظم