للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: "جَعَل" بمعنى صيَّر، كقوله: {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (١٥)}، وهذه تنصب المبتدأ والخبر أيضًا.

الثالث: "جَعَل" بمعنى خلق، كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} أي خلق السماوات والأرض وخلق الظلمات والنور.

والظاهر أن منه قوله هنا: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ} أي خلق لكم الأنعام، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ}، وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ} الآية.

والرابع، وهو الذي ليس في القرآن: "جَعَل" بمعنى شرع، ومنه قوله:

وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي فأنهض نهض الشارب السَّكِرِ

وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة، من الامتنان بهذه النعم الكثيرة التي أنعم عليهم بها، بسبب خلقه لهم الأنعام، وهي الذكور والإِناث من الإِبل والبقر والضأن والمعز، كما قدمنا إيضاحه في سورة آل عمران في الكلام على قوله: (والأنعام والحرث) = بينه أيضًا في مواضع أخر، كقوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}، والدفء ما يتدفئون به في الثياب المصنوعة