فبين في بعضها أن له أعداء، وأن أعداءه هم أعداء المؤمنين، وأن جزاءهم النار، كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)}، وقوله تعالى:{وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} الآية، وقوله تعالى:{فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ} وقوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} الآية. إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧)} أي يرد أولهم إلى آخرهم، ويلحق آخرهم بأولهم، حتى يجتمعوا جميعًا، ثم يدفعون في النار، وهو من قول العرب: وزعت الجيش، إذا حبست أوله على آخره حتى يجتمع.
وأصل الوزع الكف، تقول العرب: وزعه يزعه وزعًا، فهو وازع له، إذا كفه عن الأمر، ومنه قول نابغة ذبيان:
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... فقلت ألما أصح والشيب وازع
وقول الآخر:
ولن يزع النفس اللجوج عن الهوى ... من الناس إلا وافر العقل كامله
وبما ذكرنا تعلم أن أصل معنى (يوزعون) أي يكف أولهم عن التقدم، وآخرهم عن التأخر، حتى يجتمعوا جميعًا.
وذلك يدل على أنهم يساقون سوقًا عنيفًا، يجمع به أولهم مع آخرهم.
وقد بين تعالى أنهم يساقون إلى النار في حال كونهم عطاشًا، في قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)}.