للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توحيد الله، والسجود له وحده، وإخلاص العبادة له، (فالذين عند ربك) وهم الملائكة، (يسبحون له بالليل) أي يعبدونه وينزهونه دائمًا ليلًا ونهارًا، (وهم لا يسأمون) أي لا يملون من عبادة ربهم، لاستلذاذهم لها، وحلاوتها عندهم، مع خوفهم منه جل وعلا كما قال تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ}.

وقد دلت هذه الآية الكريمة من سورة فصلت على أمرين:

أحدهما: أن الله جل وعلا إن كفر به بعض خلقه، فإن بعضًا آخر من خلقه يؤمنون به، ويطيعونه كما ينبغي، ويلازمون طاعته دائمًا بالليل والنهار.

والثاني منهما: أن الملائكة يسبحون الله ويطيعونه دائمًا لا يفترون عن ذلك.

وهذان الأمران اللذان دلت عليهما هذه الآية الكريمة، قد جاء كل منهما موضحًا في غير هذا الموضع.

أما الأول منهما: فقد ذكره جل وعلا في قوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩)}.

وأما الثاني منهما: فقد أوضحه تعالى في آيات من كتابه، كقوله تعالى في الأنبياء: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠) وقوله تعالى في آخر الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦)}، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨)} أي