للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجمع الصحابة وجميع المسلمين على رد مثله في قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية. واشتراط كونه - صلى الله عليه وسلم - فيهم إنما ورد لبيان الحكم، لا لوجوده، والتقدير: بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول كما قاله ابن العربي وغيره، وشذ عن الجمهور أبو يوسف، والمزني، وقال بقولهما الحسن بن زياد اللؤلؤي، وإبراهيم بن علية فقالوا: أن صلاة الخوف لم تشرع بعده - صلى الله عليه وسلم -، واحتجوا بمفهوم الشرط في قوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} الآية. ورد عليهم بإجماع الصحابة عليها بعده - صلى الله عليه وسلم -، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على ذلك المفهوم.

تنبيه: فإن قيل: قد قررتم ترجيح أن آية: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} في صلاة الخوف، لا صلاة السفر، وإذن فمفهوم الشرط في قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} يفهم منه أن صلاة الخوف لا تشرع في الحضر.

فالجواب: أن هذا المفهوم قال به ابن الماجشون، فمنع صلاة الخوف في الحضر. واستدل بعضهم أيضا لمنعها فيه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها يوم الخندق، وفات عليه العصران، وقضاهما بعد المغرب، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها إلا في سفر، وجمهور العلماء على أنها تصلى في الحضر أيضا، وأجابوا بأن الشرط لا مفهوم مخالفة له أيضا، لجريه على الغالب كما تقدم، أو لأنه نزل في حادثة واقعة مبينا حكمها. كما روي عن مجاهد قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بعسفان والمشركون بضجنان، فتوافقوا، فصلى النبي