بعضهم لم يقصص خبرهم عليه، وأنه أوحى إليهم وأرسلهم لقطع حجج الخلق في دار الدنيا، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)}.
وقوله تعالى:{اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} ذكر جل وعلا فيه الثناء على نفسه باسمه العزيز، واسمه الحكيم، بعد ذكره إنزاله وحيه على أنبيائه، كما قال في آية النساء المذكورة: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٥٨)} بعد ذكره إيحاءه إلى رسله.
وقد قدمنا في أول سورة الزمر أن استقراء القرآن قد دل على أن الله جل وعلا إذا ذكر تنزيله لكتابه أتبع ذلك ببعض أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وذكرنا كثيرًا من أمثلة ذلك.
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير {يُوحِى} بكسر الحاء بالبناء للفاعل، وعلى قراءة الجمهور هذه فقوله:(الله العزيز الحكيم) فاعل يوحي.
وقرأه ابن كثير (يُوحَى إليك) بفتح الحاء بالبناء للمفعول، وعلى هذه القراءة، فقوله:(الله العزيز الحكيم) فاعل لفعلٍ محذوف تقديره يوحي، كما قدمنا إيضاحه في سورة النور في الكلام على قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ} الآية.
وقد قدمنا معاني الوحي مع الشواهد العربية في سورة النحل