وقال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إلا شَيطَانًا مَرِيدًا (١١٧)}، فقوله:{وَإِنْ يَدْعُونَ إلا شَيطَانًا} يعني ما يعبدون إلا شيطانًا مريدًا.
فقوله تعالى:{بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} أي يتبعون الشياطين ويطيعونهم فيما يشرعون ويزينون لهم من الكفر والمعاصي، على أصح التفسيرين.
والشيطان عالم بأن طاعتهم له المذكورة إشراك به، كما صرح بذلك وتبرأ منهم في الآخرة، كما نص الله عليه في سورة إبراهيم في قوله تعالى:{وَقَال الشَّيطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}، إلى قوله:{إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} فقد اعترف بأنهم كانوا مشركين به من قبل أي في دار الدنيا، ولم يكفر بشركهم ذلك إلا يوم القيامة.
وقد أوضح النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى الذي بينا، في الحديث لما سأله عدي بن حاتم رضي الله عنه عن قوله:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا} كيف اتخذوهم أربابًا؟ وأجابه أنهم أحلوا لهم ما حرم الله وحرموا عليهم ما أحل الله، فاتبعوهم، وبذلك الاتباع اتخذوهم أربابًا.
ومن أصرح الأدلة في هذا: أن الكفار إذا أحلوا شيئًا يعلمون أن الله حرمه، وحرموا شيئًا يعلمون أن الله أحله، فإنهم يزدادون كفرًا