وقد بين تعالى في بعض المواضع أن بعض الناس لا يجتنبون هذا النهي، وهددهم على ذلك، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)}؛ لأن قوله:{لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ} إلى قوله: {يَفْعَلُونَ} فيه تهديد عظيم لهم.
وقوله تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤)}.
فقوله:{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي إن هذه شريعتكم شريعة واحدة، ودينكم دين واحد، وربكم واحد؛ فلا تتفرقوا في الدين.
وقوله جل وعلا:{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ زُبُرًا} دليل على أنهم لم يجتنبوا ما نهوا عنه من ذلك.
وقوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤)} فيه تهديد لهم ووعيد عظيم على ذلك.
ونظير ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ كُلٌّ إِلَينَا رَاجِعُونَ (٩٣)}، فقوله تعالى: {كُلٌّ إِلَينَا رَاجِعُونَ (٩٣)} فيه أيضًا تهديد لهم ووعيد على ذلك، وقد أوضحنا تفسير هذه الآيات في آخر سورة الأنبياء في الكلام على قوله تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} الآية.
وقد جاء في الحديث المشهور افتراق اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافتراق النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وافتراق