تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)} يعني سفينة نوح، وسميت جارية لأنها تجري في البحر.
وقوله: {كَالْأَعْلَامِ (٣٢)} أي كالجبال، شبه السفن بالجبال؛ لعظمها. وعن مجاهد أن الأعلام القصور، وعن الخليل: أن كل مرتفع تسميه العرب علمًا، وجمع العلم أعلام.
وهذا الذي ذكره الخليل معروف في اللغة، ومنه قول الخنساء ترثي أخاها صخرًا:
وإن صخرًا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن جريان السفن في البحر، من آياته تعالى الدالة على كمال قدرته، جاء موضحًا في غير هذا الموضح، كقوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤)}، وقوله تعالى: {فَأَنْجَينَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالمِينَ (١٥)}، وقوله تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} إلى قوله: {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)}، وقوله تعالى في سورة النمل:{وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} الآية، وقوله في فاطر:{وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} الآية، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقرأ هذا الحرف نافع وأبو عمرو (الجواري) بياء لساكنة بعد الراء في الوصل فقط دون الوقف، وقرأه ابن كثير بالياء المذكورة في