للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفواحش، وقد قدمنا تحقيق المقام في الاستثناء المنقطع في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إلا سَلَامًا}.

وقالت جماعة من أهل العلم: الاستثناء متصل، قالوا: وعليه فمعنى (إلا اللمم) إلا أن يلم بفاحشة مرة ثم يجتنبها ولا يعود لها بعد ذلك.

واستدلوا لذلك بقول الراجز:

إن تغفر اللَّهمَّ تغفر جَمَّا ... وأي عبد لك ما ألمَّا

وروى هذا البيت ابن جرير والترمذي وغيرهما مرفوعًا، وفي صحته مرفوعًا نظر.

وقال بعض العلماء: المراد باللمم ما سلف منهم من الكفر والمعاصي، قبل الدخول في الإِسلام. ولا يخفى بُعْدُه.

وأظهر الأقوال هو ما قدمنا؛ لدلالة آية النساء المذكورة عليه، وحديث ابن عباس المتفق عليه.

واعلم أن كبائر الإِثم ليست محدودة في عدد معين، وقد جاء تعيين بعضها، كالسبع الموبقات أي المهلكات؛ لعظمها، وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أنها "الإِشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات".

وقد جاءت روايات كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعيين بعض الكبائر، كعقوق الوالدين، واستحلال حرمة بيت الله الحرام، والرجوع إلى البادية بعد الهجرة، وشرب الخمر، واليمين الغموس، والسرقة، ومنع فضل الماء، ومنع فضل الكلأ، وشهادة الزور.