للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأحاديث بمثل ذلك كثيرة، ويكفي في ذلك ما أورده البيهقي في "شعب الإِيمان".

فهو صلوات الله وسلامه عليه ما كان يعرف تفاصيل الصلوات المكتوبة وأوقاتها، ولا صوم رمضان، وما يجوز فيه وما لا يجوز، ولم يكن يعرف تفاصيل الزكاة ولا ما تجب فيه ولا قدر النصاب وقدر الواجب فيه، ولا تفاصيل الحج، ونحو ذلك، وهذا هو المراد بقوله تعالى: {وَلَا الْإِيمَانُ}.

وما ذكره هنا من أنه لم يكن يعلم هذه الأمور حتى علمه إياها بأن أوحى إليه هذا النور العظيم الذي هو كتاب الله، جاء في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} الآية، وقوله جل وعلا: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَينَا إِلَيكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)}.

فقوله في آية يوسف هذه: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)} كقوله هنا: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}، وقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)} على أصح التفسيرات، كما قدمناه في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى: {قَال فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)}، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ}، الضمير في قوله: (جعلناه) راجع إلى القرآن العظيم المذكور في قوله: {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}، وقولُه: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ} أي ولكن جعلنا هذا القرآن العظيم نورًا نهدي به من نشاء هدايته من عبادنا.