بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إلا الَّذِي فَطَرَنِي}؛ لأن لا إله إلا الله نفي وإثبات، فمعنى النفي منها هو البراءة من جميع المعبودات غير الله في جميع أنواع العبادات، وهذا المعنى جاء موضحًا في قوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦)}.
ومعنى الإِثبات منها هو إفراد الله وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله، وهذا المعنى جاء موضحًا في قوله: {إلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧)}.
وضمير الفاعل المستتر في قوله:{وَجَعَلَهَا}.
قال بعضهم: هو راجع إلى إبراهيم، وهو ظاهر السياق.
وقال بعضهم: هو راجع إلى الله تعالى.
فعلى القول الأول، فالمعنى: صيَّر إبراهيم تلك الكلمة باقية في عقبه، أي ولده وولد ولده.
وإنما جعلها إبراهيم باقية فيهم لأنه تسبب لذلك بأمرين:
أحدهما: وصيته لأولاده بذلك، وصاروا يتوارثون الوصية بذلك عنه، فيوصي به السلف منهم الخلف، كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَينَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَال لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَال أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} الآية.
والأمر الثاني: هو سؤاله ربه تعالى لذريته الإِيمان والصلاح، كقوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَال إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}، أي واجعل من ذريتي أيضًا أئمة، وقوله تعالى