للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)} أي خالصة لهم دون غيرهم.

وهذا المعنى جاء موضحًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى في الأعراف: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

فقوله: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي خاصة بهم، دون الكفار، يوم القيامة؛ إذ لا نصيب للكفار البتة في طيبات الآخرة.

فقوله في آية الأعراف هذه: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} صريح في اشتراك المؤمنين مع الكفار في متاع الحياة الدنيا، وذلك الاشتراك المذكور، دل عليه حرف الامتناع للوجود الذي هو (لولا)، في قوله هنا: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}.

وخصوص طيبات الآخرة بالمؤمنين، المنصوص عليه في آية الأعراف بقوله: {خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} هو الذي أوضحه تعالى في آية الزخرف هذه بقوله: {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)}.

وجميع المؤمنين يدخلون في الجملة في لفظ (المتقين) لأن كل مؤمن اتقى الشرك بالله.

وما دلت عليه هذه الآيات من أنه تعالى يعطي الكفار من متاع الحياة الدنيا، دلت عليه آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى: {قَال وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ}، وقوله: {نُمَتِّعُهُمْ