مثل هذا أميتت بالكلية؛ فلا يقصد عاقل البتة الأكل من جذع النخلة.
أما الحقيقة اللغوية في قوله تعالى:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} فإنها ليست من الحقيقة المماتة كما لا يخفى.
ومن المعلوم في الأصول أن العرفية تسمى حقيقة عرفية ومجازًا لغويًّا، وأن اللغوية تسمى عندهم حقيقة لغوية ومجازًا عرفيًّا.
وقد قدمنا مرارًا أنا أوضحنا أن القرآن الكريم لا مجاز فيه على التحقيق، في رسالتنا المسماة "منع جواز المجاز، في المنزل للتعبد والإِعجاز".
فاتضح مما ذكرنا كله أن آية الزخرف هذه تبينها آية النساء المذكورة، وأن عيسى لم يمت، وأنه ينزل في آخر الزمان، وإنما قلنا: إن قوله تعالى هنا: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} أي علامة ودليل على قرب مجيئها؛ لأن وقت مجيئها بالفعل لا يعلمه إلا الله.
وقد قدمنا الآيات الدالة على ذلك مرارًا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} أي لا تشكن في قيام الساعة فإنه لا شك فيه.
وقد قدمنا الآيات الموضحة له مرارًا كقوله تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيبَ فِيهَا}، وقوله: {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)}، وقوله:{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ}، وقوله:{فَكَيفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيبَ فِيهِ}، إلى غير ذلك من الآيات.