ومعلوم أن الكذب والخطيئة مسندان في الحقيقة لصاحب الناصية، كما أن الخشوع والعمل والنصب مسندات إلى أصحاب الوجوه.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الجنة فيها كل مشتهى، وكل مستلذ، جاء مبسوطًا موضحة أنواعه في آيات كثيرة من كتاب الله، وجاء مجملًا أيضًا إجمالًا شاملًا لكل شيء من النعيم.
أما إجمال ذلك، ففي قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)}.
وأما بسط ذلك وتفصيله، فقد بين القرآن أن من ذلك النعيم المذكور في الآية: المشارب والمآكل، والمناكح، والفرش والسرر، والأواني، وأنواع الحلي والملابس، والخدم، إلى غير ذلك، وسنذكر بعض الآيات الدالة على كل شيء من ذلك.
أما المآكل، فقد قال تعالى: {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٣)}، وقال: {وَلَحْمِ طَيرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١)}، وقال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣)}، وقال تعالى:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
أما المشارب، فقد قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَينًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦)}، وقال تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَينًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨)}